يشهد العالم الآن تطورات كبيرة في مجال التكنولوجيا المالية، وكان من أبرزها ظهور وانتشار العملات الرقمية، وهذه الأصول فتحت آفاقًا جديدة للمعاملات المالية والاستثمار، ومع زيادة الاهتمام بها، بدأت الحكومات بالبحث عن طرق لتنظيمها؛ لضمان حماية المستثمرين واستقرار الأسواق، ومن هنا بدأ الطريق نحو العملات الرقمية المرخصة في السعودية، وكيف أن المملكة تسعى إلى بناء بيئة آمنة ومنظمة تتيح للمواطنين والمقيمين التداول في هذا المجال الواعد، مع التركيز على الأطر القانونية والتنظيمية لضمان أقصى استفادة، وهذا ما نوافيكم إيَّاه مفصلًا.
قائمة العملات الرقمية المرخصة في السعودية حقيقة أم لا؟
لا، لا توجد قائمة رسمية بالعملات الرقمية المرخصة في السعودية، وبخلاف ذلك فقد أصدرت الجهات الرسمية تحذيرات متعددة من التعامل بالعملات الرقمية، وقد تم التحذير من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي بشأن البيتكوين، معللًا في ذلك غياب الدعم والرقابة من قبل أي جهة، وأعلن عدم ترخيص أي جهة تمارس أي نشاط يتعلق بالعملات الرقمية، ومن ثم فهو محور للعديد من المخاطر المُحتملة والعمليات الاحتيالية.
يمكن القول أن الجهات الرسمية في المملكة لا تعترف بالعملات الرقمية، وهذا الموقف مُدعَّم من قبل إقرارات حكومية رسمية؛ نظرًا لأنها تعمل خارج الإطار التنظيمي للمملكة، كما أنها ترتبط بأنشطة مشبوهة، وذلك ما ينطبق على ما حدث عام 2018، حيث صرحت لجنة حكومية مع وزارة المالية بأنه لا توجد قوانين تدعم هذه العملات، وبالتالي فإن الموقف الرسمي لا يزال مُتحفظًا وحذرًا.
ما هي العملات الرقمية المدعومة رسميًا في السعودية؟
ذكرنا مسبقًا أن السعودية لا تعترف بالعملات الرقمية، وبدلًا من ذلك فقد توحدت الجهود نحو العملة الرقمية للبنك المركزي السعودي، فيما يُعرف باسم ” مشروع عابر “، وقد تم اعتبار هذا المشروع إحدى أهم المبادرات المبتكرة التي تهدف إلى التعرف على قدرة تقنية دفتر الأستاذ الموزع على إتمام المعاملات عبر الحدود بين بلدين.
ذلك يتم عن طريق عملة رقمية جديدة تابعة للبنك المركزي، وقد أُطلق على المشروع اسم ” عابر ” نظرًا لطبيعة المشروع وهي العبور عبر الحدود، وخلال عام كامل تم تصميم وتطبيق حالات استخدام هذا المشروع، مع توثيق النتائج والدروس المُستفادة، وقد أثبت المشروع أن تقنية دفتر الأستاذ الموزع تمتلك قدرة هائلة على تشكيل أنظمة المدفوعات مرة أخرى سواء العالمية أو المحلية بطرق جديدة، مما يرسخ مستقبل البلو كتشين في السعودية.
الآن هناك ثقة تامة بأن نتائج هذا المشروع سوف تؤثر بشكل كبير على النظام البيئي المالي ككل، كما أنها سوف تساعد على تسريع تبني هذه التكنولوجيا لتحويل الأسواق المالية في دول الخليج والعالم أجمع، فلا شك أن ” مشروع عابر ” هو المبادرة المشتركة ما بين البنك المركزي السعودي ومصرف الإمارات العربية المُتحدة الذي تمكن من أن يكون أداة مزدوجة للتسوية ما بين البلدين، أما عن أهداف المشروع فهي تمثلت في:
- فهم التكنولوجيا: ذلك من خلال التعمق في فهم تقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT)، وتحليل مدى وصولها إلى مرحلة النضج، ومدى جاهزيتها.
- استكشاف حلول بديلة للدفع: إيجاد بديل مبتكر لأنظمة الدفع الحالية عبر الحدود، والتي في الأغلب تواجه العديد من العقبات.
- تجربة العملة الرقمية: استكشاف العملة الرقمية للبنك المركزي، مع مقارنة النتيجة مع التجارب العالمية الأخرى في نفس المجال.
كما قد تم تنفيذ المشروع على 3 مراحل متكاملة هي على النحو التالي:
- المرحلة الأولى: اختبار التسوية عبر الحدود بين البنكين المركزيين السعودي والإماراتي.
- المرحلة الثانية: استكشاف التسوية بين 3 بنوك محلية في البلد.
- المرحلة الثالثة: اختبار المعاملات بين البنوك التجارية عبر الحدود عن طريق العملات الرقمية.
يمكن القول أن هذا المشروع قدَّم رؤى قيمة يمكنها تقديم استفادة كبيرة للبنوك المركزية، وقد حدد مجموعة من مجالات التوسع التي يمكن دراستها فيما بعد، ووفقًا لذلك فإن هذا المشروع أثبت تأثيره الملموس على هذا القطاع، وأسهم في فهم كيفية تطبيق تقنية DLT على أنظمة المدفوعات.
العملات الرقمية الأكثر تداولًا في السعودية
نظرًا لغياب دعم المملكة للعملات التقليدية، دعت الحاجة للبحث عن العملات الرقمية المعتمدة في السعودية، إذ أنها تحظى بأكبر قدر من الاهتمام، وبناءً على الاتجاهات العالمية، والمنصات المتاحة، فإن العملات الأكثر تداولًا هي:
1- البيتكوين
برغم غياب العملات الرقمية المرخصة في السعودية، إلا أن البيتكوين هو أول عملة رقمية مُعتمدة على الإطلاق في العالم، فهي بداية هذا القطاع التي مكنت الجميع من إرسال واستقبال آلاف العملات عبر الإنترنت، وقد تم إطلاقها من قبل ” ساتوشي ناكاموتو ” ذو الهوية المجهولة إلى الآن، وهي عملة لا مركزية أي لا تخضع للرقابة من قبل أي شركة أو طرف ثالث، وأهم ما يميزها هو المعروض المحدود، حيث لا يوجد سوى 21 مليون بيتكوين فقط، ومن ثم فإن احتمالية التضخم أو التلاعب محدودة.
2- الإيثيريوم
ضمن أهم العملات الرقميه في السعوديه هي الإيثريوم، فقد تم إطلاقها عام 2015 من قبل فيتاليك بوتيرين وجافين وود؛ وذلك من أجل تفادي أوجه القصور التي واجهها البيتكوين، إذ أنها تهدف إلى توفير شبكة لا مركزية مبنية على تقنية البلوكتشين، وبالتالي فهي تمكن المطورين من إدارة العقود الذكية والتطبيقات اللامركزية دون الحاجة إلى أي طرف آخر في هذه المعاملة، ومن ثم فقد تم تصنيفها كأكبر ثاني عملة رقمية من حيث القيمة السوقية بعد البيتكوين.
3- الريبل
تعمل الريبل بشكل مختلف عن البيتكوين والإيثريوم، إذ أنها لا تستخدم نفس آلية الإجماع إثبات العمل (PoW) أو إثبات الحصة (PoS )، بل أنها تلجأ إلى حلول أخرى لتسهيل المعاملات وزيادة سرعة إتمامها، ولعل هذه السرعة هي ما جعلت الريبل خيارًا جذابًا للبنوك والشركات التي تحتاج إلى تحويلات مالية فورية عبر الحدود، وتُعرف أصغر وحدة من الريبل باسم ” الدروب ” وهي تعادل 0.000001 XRP، أما بالنسبة للمعروض فهو يبلغ 100 مليار عملة، وهو يُعد انكماشيًا أي أنه يقل تدريجيًا كلما تم استهلاك عدد أكبر من العملات.
4- لايتكوين
تعتبر لايتكوين (LTC) هي إحدى أفضل العملات الرقمية البديلة التي تم إطلاقها عام 2011 من قبل تشارلز “تشارلي” لي، وقد استوحى فكرتها من فكرة البيتكوين اللامركزية، حتى أنه قال ” في أكتوبر ٢٠١١، كنتُ أجرب قاعدة بيانات بيتكوين، وأعتقد أن الأمر باختصار كان مجرد محاولة لإنشاء… نسخة فرعية من بيتكوين. كان في الأساس مشروعًا جانبيًا ممتعًا “، ولكنه تمكن من إضافة بعض التعديلات عليها، إذ كان هدفه هو معالجة بعض نقاط ضعف البيتكوين، فضلًا عن تقديم عملة رقمية أسرع وأكثر كفاءة للمعاملات اليومية، وبذلك يمكن القول أنهما يختلفان في مجموعة من الجوانب مثل: استخدام خوارزمية سكريبت، وسرعة توليد الكتل، وسرعة الكتل.
5- سولانا
سولانا هي عملة لا مركزية تم تأسيسها على يد أناتولي ياكوفينكو، المهندس السابق في شركة كوالكوم عام ٢٠١٧، إلا أن تم إطلاقها بشكل رسمي عام 2020، وهي تهدف إلى مواجهة تحديات التوسع التي ظلت تعاني سلاسل الكتل منها، وقد باتت واحدة من أهم المنصات في مجال Web3؛ وهذا يرجع إلى الحد من رسوم المعاملات، وسرعة إتمامها، إذ أنها تعتمد على آلية إجماع فريدة تُعرف بإثبات التاريخ (PoH) التي تعمل على التحسين من كفاءة المعاملة قدر الإمكان، ولعل أهم ما أكسبها الشهرة هو ابتكار منتجاتها، وانتشارها عبر الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، وعملات الميم لتكون أفضل منافس للإيثيريوم.
كيفية تداول العملات الرقمية في السعودية بأمان
يقوم السعوديون بالتداول عبر المنصات العالمية الكبرى، لذلك فلا بُد من الحرص على التداول الآمن عبر اتباع مجموعة من الممارسات والنصائح التي تتمثل في:
1- البحث عن الدعم التعليمي
قبل البحث عن العملات الرقمية المرخصة في السعودية لا بُد من التعمق في فهم هذا المجال خاصةً إذا كنت مبتدئًا، إذ يجب تعلم أساسيات التداول، وذلك عن طريق المنصات التي توفر مواد تعليمية جذابة تنمي فهمك، علاوةً على الدورات التعليمية والدروس الشاملة التي تساعدك على تكوين فكرة شاملة عن هذا المجال، وتبني أهم المفاهيم مثل: التحليل الفني وإدارة المخاطر، وما إلى ذلك.
2- اختيار أفضل أساليب التداول
لا شك أن اختيارك لأفضل أسلوب للتداول يعزز من خبراتك، ويجعلك قادرًا على تحقيق أهدافك بشكل أسرع.
3- البدء بحساب تجريبي
عليك اختيار المنصة التي توفر لك حسابًا تجريبيًا مجانيًا يمكن البدء من خلاله، إذ أنها تتيح التدرب أولًا لوقت معين باستخدام نقود افتراضية، ومن ثم فأنت لست بحاجة للمخاطرة بأموالك إذا كنت مبتدئًا، وحتى المحترفين يمكنهم استخدام الحسابات التجريبية للتعرف على استراتيجيات التداول الجديدة.
4- اختيار منصة التداول
عليك اختيار منصة تداول ذات سمعة جيدة بشهادة من تعامل معها سابقًا، مع الحرص على أن تكون منصة مرخصة ومنظمة سواء على المستوى المحلي أو العالمي؛ وذلك لضمان تواجد أموالك في مكان آمن، كما يجب البحث عن المنصة المزودة بتطبيق على الهاتف الجوال لتسهيل عملية التداول في أي مكان، كما يجب أن تتسم بالسرعة والواجهة البديهية سهلة الاستخدام.
5- اختيار أدوات التداول المناسبة
بعد اختيار منصة التداول، أنت الآن بحاجة إلى أدوات تداول تناسب أسلوبك ومدى خبرتك، فاحرص على استخدام الأدوات التي تناسب مهاراتك وتخصيصها لتلبية احتياجاتك، فلا غنى عن هذه الأدوات في إدارة المخاطر، والحد من الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها، كما أنها تسمح بتثبيت أرباحك بوصول السوق إلى مستوى مُعين.
6- دعم العملاء
عليك البحث عن المنصة التي تقدم دعمًا للعملاء على مدار الساعة، كما يجب أن يكون هذا الدعم متوفرًا في أكثر من شكل سواء عبر الهاتف، أو البريد الإلكتروني، أو الدردشة المباشرة، علاوةً على ذلك يجب أن يكون هذا الدعم بأكثر من لغة للحصول على أفضل تجربة على المنصة.
7- اتباع أفضل استراتيجية للتداول
إذا تعلق الأمر باستراتيجيات التداول، فلا يمكن تعميم استراتيجية واحدة تلائم كافة الفئات، ولكن يجب اختيار استراتيجية تناسب قدرتك على تحمل المخاطر ووقتك الذي تخصصه للتداول، وخبرتك كذلك، فإن الحرص على تصميم أفضل الاستراتيجيات يساعدك على أن تكون واضحًا ومنضبطًا، كما أنه يحميك من التعرض لأي تقلبات في الأسعار، واتخاذ أي قرار عاطفي بإمكانه أن يؤدي إلى أي خسائر، مع تحسين إمكانية ربحك.